تزوير الكتب وقرصنتها في سوريا.. حقوق المترجم أم المؤلف؟
Posted on October 03, 2015
by
Tadween Editors
| 0 comments
مئات العناوين من الكتب المزورة تفترش أرصفة العاصمة السورية؛ فعبر الطريق الواصلة بين جسر الثورة وساحة المحافظة؛ وصولاً إلى ساحة الحجاز ومنطقة الحلبوني، يمكن مشاهدة بسطات هذه البضاعة وعلى أغلفتها أسماء لدور نشر وهمية لا وجود لها؛ ظاهرة وجدت لها سماسرتها وتجارها قبل الحرب؛ لكن مع دخول البلاد عاماً خامساً من الكابوس؛ نجحت بعض المكتبات في تعويم هذه الظاهرة، وجعلها حلاً مناسباً للكثير من القراء الذين انخفضت قدرتهم الشرائية أمام غلاء الكتب والفروق المتفاقمة لسعر صرف الليرة السورية أمام الدولار.
من يزوّر معروف ـ يقول صاحب دار نشر سورية رفض ذكر اسمه: «انظر إلى كتب واسيني الأعرج فستجدها مزورة؛ كذلك كتب إليف شافاق (الكاتبة التركية) التي تطبعها دور لا أعرف لها مكاناً؛ أخذت ترجمة خالد الجبيلي لروايتها «قواعد العشق الأربعون». كتب أمين معلوف وأحلام مستغانمي، وإيزابيل الليندي وحيدر حيدر وخالد حسيني؛ وغيرها الكثير يمكن ضبط نسخ لا تحمل أية إشارة لدور نشر سورية أو عربية.
ظاهرة قد يكون لها مبرر وهو غلاء الكتاب وعدم توفره، فالكتب الذي ترد من لبنان من مثل: كتب أمين معلوف غالية الثمن؛ مثلاً روايته «التائهون» إصدار «دار الفارابي» وصل سعرها في المكتبات السورية إلى «15 دولاراً- ما يقارب أربعة آلاف وخمسمئة ليرة سورية»، بالمقابل النسخة المزوّرة من هذه الرواية يصل ثمنها إلى «500 ليرة ـ ما يعادل دولار ونصف الدولار»!.
نبيل عمران مدير الرقابة في وزارة الإعلام قال: «إن تزوير الكتب أمر منوط باتحاد الناشرين السوريين؛ نحن في الوزارة لم نتلق حتى الآن أي شكوى من أي ناشر إزاء هذه العملية اللاأخلاقية؛ لكن الأزمة شاملة وأنتجت مشاكل مركّبة ليس آخرها تزوير الكتب؛ إذ أن هناك تداعيات قاسية على الجميع؛ جعلت بعض المزوّرين يلجؤون إلى هذا السلوك الرخيص؛ فهم ينظرون إلى الأمر كمسألة تجارية بحتة؛ تضيع معها حقوق دور النشر وحقوق ملكية مؤلفيها».
نبيل عمران مدير الرقابة في وزارة الإعلام قال: «إن تزوير الكتب أمر منوط باتحاد الناشرين السوريين؛ نحن في الوزارة لم نتلق حتى الآن أي شكوى من أي ناشر إزاء هذه العملية اللاأخلاقية؛ لكن الأزمة شاملة وأنتجت مشاكل مركّبة ليس آخرها تزوير الكتب؛ إذ أن هناك تداعيات قاسية على الجميع؛ جعلت بعض المزوّرين يلجؤون إلى هذا السلوك الرخيص؛ فهم ينظرون إلى الأمر كمسألة تجارية بحتة؛ تضيع معها حقوق دور النشر وحقوق ملكية مؤلفيها».
التزوير
دور النشر المحلية تلجأ إلى المعارض الخارجية للتعويض عن خساراتها وانحسار الطلب على عناوينها بسبب غلاء أسعار كتبها؛ حيث تصل سعر النسخة الواحدة من كل عنوان تطبعه إلى «1500 ليرة سورية للكتاب الواحد» أي ما يعادل «5 دولارات»، فعندما كانت إصدارات الكتب تُطبع بدون حقوق؛ كانت دور النشر السورية تقدم الكتاب للقارئ بأسعار مغرية، يقول الناشر الذي رفض ذكر اسمه ويتابع، لكنها ومع الهجوم العنيف الذي تعرضت له من قبل حملة حقوق الملكية الفكرية؛ عادت وارتفعت أسعار الكتب بطبعتها المحلية».
المشكلة ليست في الحقوق؛ فدور النشر لا تستطيع أن تنافس السعر المزوّر؛ لا سيما بعد رفع الدعم الذي كانت تقدمه بعض المراكز الأجنبية لهذه الدور في فترة ما قبل الحرب، من دون أن يكون هناك مسؤولية تذكر للهيئة العامة للكتاب أو وزارة الثقافة ووزارة الإعلام واتحاد الناشرين السوريين.
هيثم الحافظ رئيس اتحاد الناشرين السوريين قال للسفير رداً على هذه الاتهامات: «الاتحاد حريص كل الحرص على متابعة مسألة تزوير الكتب بتنسيق كامل ومباشر مع وزارة الثقافة – الهيئة العامة السورية للكتاب؛ عبر مديريتها حقوق المؤلف؛ وهناك جهة قضائية في الوزارة تتابع كل حالات التزوير عبر الضابطة العدلية التي قامت بالعديد من الحملات وفي مناطق مختلفة لمكافحة ظاهرة الكتب المزوّرة ومحاكمة المخالفين وفق قانون حقوق الملكية السوري».
لكن كيف يعلل تفاقم بسطات التزوير المنتشرة وبكثافة على الأرصفة وعلى أسوار الحدائق والجامعات؟ نسأل فيجيب رئيس اتحاد الناشرين بالقول: «الأمر يحتاج إلى شكوى من الناشر المتضرر، فالضابطة العدلية لا يمكن لها أن تتحرك بلا شكوى صريحة؛ أضف إلى ذلك أن عملية التزوير ظاهرة ليست مقتصرة على سوريا فقط، بل هي ظاهرة في عموم بلاد العالم العربي الأكثر خرقاً لحقوق المؤلف؛ ثم هناك صعوبات كثيرة للسيطرة على هذه الظاهرة، منها الإرهاب وعدم قدرة الضابطة العدلية على مداهمة كل الأماكن التي تبيع هذه الكتب أو تطبعها في أماكن تصنف بأنها ساخنة لجهة الصراع المسلح الدائر في البلاد».
أكثر من ناشر قدم شكوى فتعاملنا معها فوراً عبر الضابطة العدلية، يعقب هيثم الحافظ ويضيف: «القضاء السوري يدين ظاهرة التزوير وهو موضوع قضائي بحت، لكن السبب الرئيسي لانتشار هذه الظاهرة، هو عدم توفر المُنتج في سوق النشر السورية، ولهذا كنا قد دعونا الناشرين العرب إلى التواجد في الأسواق المحلية بما يناسب القدرة الشرائية للمواطن السوري؛ وهذا أمر يجب أن تراعيه هذه الدور كما هو معروف عالمياً، فسعر الكتاب في لندن أقل بكثير مما هو عليه في الهند، على سبيل المثال.
«وزارة الثقافة غائبة عن الوعي»، يقول معظم الناشرين الذين التقتهم («السفير») ورفضوا ذكر أسمائهم متسائلين: «أين تذهب ميزانيات هيئة الكتاب؟ ألا تذهب على الأعمال الكاملة لكتبة اتحاد الكتّاب العرب، وسلسلة التراث الملفقة من بطون الكتب القديمة التي تُقدم كغنائم لمؤلفيها المغمورين؟ القرصنة هي التزوير؛ والقانون السوري لم يمنعنا؛ لكن الوزارة عندما دخلت عبر هيئة الكتاب في اتفاقيات حقوق الملكية تراجعت حركة النشر السورية؛ مقابل التغاضي عن نشاط مكتبات من مثل «الفتال» و «العلبي» و «النوري» التي تزوِّر في وضح النهار».
عناوين كثيرة تمت قرصنتها، ما أدى إلى استفحال ظاهرة التزوير التي تضيع معها جهود العديد من المشتغلين في حقول النشر؛ فليست حقوق المؤلف أو حقوق الناشر هي ما تضيع وحسب، بل حقوق المخرجين والمدققين؛ وجهود فريق التحرير من مراجعين وتقديم وتصميم أغلفة؛ وهذه كوارث متبادلة بين من يزوِّر كتباً ومن يسطو على حقوق ملكيتها؛ حيث تصل حقوق الملكية الفكرية لعنوان واحد من التي تترجمها الدور العربية إلى 20 ألف دولار أميركي.
هيثم الحافظ رئيس اتحاد الناشرين السوريين قال للسفير رداً على هذه الاتهامات: «الاتحاد حريص كل الحرص على متابعة مسألة تزوير الكتب بتنسيق كامل ومباشر مع وزارة الثقافة – الهيئة العامة السورية للكتاب؛ عبر مديريتها حقوق المؤلف؛ وهناك جهة قضائية في الوزارة تتابع كل حالات التزوير عبر الضابطة العدلية التي قامت بالعديد من الحملات وفي مناطق مختلفة لمكافحة ظاهرة الكتب المزوّرة ومحاكمة المخالفين وفق قانون حقوق الملكية السوري».
لكن كيف يعلل تفاقم بسطات التزوير المنتشرة وبكثافة على الأرصفة وعلى أسوار الحدائق والجامعات؟ نسأل فيجيب رئيس اتحاد الناشرين بالقول: «الأمر يحتاج إلى شكوى من الناشر المتضرر، فالضابطة العدلية لا يمكن لها أن تتحرك بلا شكوى صريحة؛ أضف إلى ذلك أن عملية التزوير ظاهرة ليست مقتصرة على سوريا فقط، بل هي ظاهرة في عموم بلاد العالم العربي الأكثر خرقاً لحقوق المؤلف؛ ثم هناك صعوبات كثيرة للسيطرة على هذه الظاهرة، منها الإرهاب وعدم قدرة الضابطة العدلية على مداهمة كل الأماكن التي تبيع هذه الكتب أو تطبعها في أماكن تصنف بأنها ساخنة لجهة الصراع المسلح الدائر في البلاد».
أكثر من ناشر قدم شكوى فتعاملنا معها فوراً عبر الضابطة العدلية، يعقب هيثم الحافظ ويضيف: «القضاء السوري يدين ظاهرة التزوير وهو موضوع قضائي بحت، لكن السبب الرئيسي لانتشار هذه الظاهرة، هو عدم توفر المُنتج في سوق النشر السورية، ولهذا كنا قد دعونا الناشرين العرب إلى التواجد في الأسواق المحلية بما يناسب القدرة الشرائية للمواطن السوري؛ وهذا أمر يجب أن تراعيه هذه الدور كما هو معروف عالمياً، فسعر الكتاب في لندن أقل بكثير مما هو عليه في الهند، على سبيل المثال.
«وزارة الثقافة غائبة عن الوعي»، يقول معظم الناشرين الذين التقتهم («السفير») ورفضوا ذكر أسمائهم متسائلين: «أين تذهب ميزانيات هيئة الكتاب؟ ألا تذهب على الأعمال الكاملة لكتبة اتحاد الكتّاب العرب، وسلسلة التراث الملفقة من بطون الكتب القديمة التي تُقدم كغنائم لمؤلفيها المغمورين؟ القرصنة هي التزوير؛ والقانون السوري لم يمنعنا؛ لكن الوزارة عندما دخلت عبر هيئة الكتاب في اتفاقيات حقوق الملكية تراجعت حركة النشر السورية؛ مقابل التغاضي عن نشاط مكتبات من مثل «الفتال» و «العلبي» و «النوري» التي تزوِّر في وضح النهار».
عناوين كثيرة تمت قرصنتها، ما أدى إلى استفحال ظاهرة التزوير التي تضيع معها جهود العديد من المشتغلين في حقول النشر؛ فليست حقوق المؤلف أو حقوق الناشر هي ما تضيع وحسب، بل حقوق المخرجين والمدققين؛ وجهود فريق التحرير من مراجعين وتقديم وتصميم أغلفة؛ وهذه كوارث متبادلة بين من يزوِّر كتباً ومن يسطو على حقوق ملكيتها؛ حيث تصل حقوق الملكية الفكرية لعنوان واحد من التي تترجمها الدور العربية إلى 20 ألف دولار أميركي.
حقوق الملكية
وفي هذا يرد صاحب دور نشر سورية فضَّل عدم ذكر اسمه أيضاً: «الثقافة ليست بزنس؛ لكن الأميركيين حولوها إلى ذلك؛ وهم من يعملون على مسألة حقوق الملكية؛ خذ الهنود والأميركيين اللاتينيين والعرب والأفارقة كلهم كانوا يطبعون من دون حقوق ملكية؛ لذلك تعامل الأميركي مع الكتاب مثل أدوية الإيدز؛ فهناك أدوية مخفِّضة لآلام المصابين بالسيدا؛ لكن على الأفارقة أن يدفعوا حقوق الملكية الفكرية لمخترعي الدواء!
حتى الآن لا يوجد في وزارة الثقافة ـ الهيئة العامة السورية للكتاب ـ آلية لضبط حقوق الملكية سواء بالنسبة لدار النشر، وهنا نقصد الهيئة، أما بالنسبة إلى الكاتب أو المترجم؛ في العموم فلا تزال الآلية المتّبعة تسير وفقاً للعُرف الذي تمّ وضعه مع تأسيس الهيئة أي في العام 2007. إذ يقوم المترجم أو المؤلف بتقديم كتابه المؤلَّف أو المتَرجم في ديوان الهيئة عبر تقديم نسختين ورقيتين من الكتاب ونسخة إلكترونية ـ ويقوم بملء استمارة يُسأل فيها عن وضع الكتاب، أي إن كان متَرجماً سابقاً أو مؤلَّفاً ومنشوراً في دار نشر أخرى وغالباً ما تتم الإجابة بالنّفي؛ ثم يحوَّل هذا المخطوط (الكتاب) إلى قارئ يقوم بعملية التقييم إيجاباً أو سلباً؛ ليُرسَل الكتاب إلى المطبعة ويتم التنازل الكامل عن المخطوط من قِبَل المؤلّف أو المترجم إلى الهيئة لمدة خمسة أعوام عبر إقرار التنازل.
الغريب في الأمر في إقرار التنازل هذا أن الهيئة السورية للكتاب تتعامل مع المترجم على أنه صاحب الكتاب، أو صاحب الحق في ترجمته! وبالتالي فإنها بذلك تحمي نفسها من أية محاكمة يمكن أن ترفعها عليها دار نشر ترجمت كتاباً ما وحصلت على حقوق نشره. فبالنسبة إلى الهيئة، المترجم هو الذي يملك الكتاب وبالتالي فهي تشتريه منه؛ غير أن كثيراً من المرات حدث وصدرت عن الهيئة كتب مترجمة سابقاً، نذكر على سبيل المثال لا الحصر «الربح على حساب الشعوب» لتشومسكي، والعديد العديد من الكتب الأخرى. وهناك أمر آخر لا بد من الإشارة له، وهو في ظل وجود ما يسمى (مديرية حقوق المؤلف) التابعة لوزارة الثقافة، فإن الهيئة أبعد ما تكون عن هذه المديرية. فالواقع يفترض وجود تنسيق بين الهيئة ومديرية حقوق المؤلف بحيث أن كل كتاب يصدر عن الهيئة يجب أن يكون مسجلاً بشكل آلي في هذه المديرية؛ وبالتالي يضمن الكاتب أو المؤلف حقوق نصه الإبداعي. ولكن لا يوجد أي رابط من هذا النوع، وبالتالي فإن الهيئة لا تضمن حقوق الملكية الفكرية لكتَّابها ومترجميها.
الغريب في الأمر في إقرار التنازل هذا أن الهيئة السورية للكتاب تتعامل مع المترجم على أنه صاحب الكتاب، أو صاحب الحق في ترجمته! وبالتالي فإنها بذلك تحمي نفسها من أية محاكمة يمكن أن ترفعها عليها دار نشر ترجمت كتاباً ما وحصلت على حقوق نشره. فبالنسبة إلى الهيئة، المترجم هو الذي يملك الكتاب وبالتالي فهي تشتريه منه؛ غير أن كثيراً من المرات حدث وصدرت عن الهيئة كتب مترجمة سابقاً، نذكر على سبيل المثال لا الحصر «الربح على حساب الشعوب» لتشومسكي، والعديد العديد من الكتب الأخرى. وهناك أمر آخر لا بد من الإشارة له، وهو في ظل وجود ما يسمى (مديرية حقوق المؤلف) التابعة لوزارة الثقافة، فإن الهيئة أبعد ما تكون عن هذه المديرية. فالواقع يفترض وجود تنسيق بين الهيئة ومديرية حقوق المؤلف بحيث أن كل كتاب يصدر عن الهيئة يجب أن يكون مسجلاً بشكل آلي في هذه المديرية؛ وبالتالي يضمن الكاتب أو المؤلف حقوق نصه الإبداعي. ولكن لا يوجد أي رابط من هذا النوع، وبالتالي فإن الهيئة لا تضمن حقوق الملكية الفكرية لكتَّابها ومترجميها.
سامر محمد إسماعيل
(دمشق)
(نشر هذا المقال لأول مرة في جريدة السفير 26-8-2015، ويعاد نشره على تدوين بموجب اتفاق شراكة مع الجريدة)
Comments