Log-in
Search

تدوين الشكّ

Posted on February 24, 2014 by Tadween Editors | 1 comment


تدوين الشكّ
مختارات من شعر أبي العلاء المعرّي
من يجرؤ اليوم على نقد الدين والمتدينين وعلى التشكيك بالعقائد في عالمنا العربي؟ ولماذا ابتعد الأدب عندنا عن التساؤلات العميقة المرتبطة بالجسد والغيب وطبيعة الحياة،؟ ولماذا تسود ثقافة اليقين والتلقين وتغيب ثقافة الشك والأسئلة؟ في هذه المختارات التي تقدمها "تدوين" جرأة تجيب على هذه الأسئلة، ولكن في زمن أسبق، وهي جرأة لا نصادفها في زمننا إلا ما ندر، فهل فيها ضوء يرشدنا في هذا العصر الذي تكثر فيه المعتقدات بكافة أشكالها، الدينية والدنيوية؟

في هذه المختارات، أبو العلاء المعري، أو "رهين المحبسين" يشنّ حرباً على النفاق والكذب ويعلن، شعرياً، أن العقل هو أساس المعرفة.


جسد
جسدي خرقةٌ تُخاطُ إلى الأرض      فيا خائطَ العوالم خطْني
خالق
قلتمْ لنا خالقٌ حكيمٌ              قلنا صدقتكم كذا نقولُ
زعمتموهُ بلا مكانٍ             ولا زمانٍ ألا فقولوا
هذا كلامٌ له خبيءٌ             معناهُ ليست لنا عقول
أعظم مشكل
لما جهلتَ من الطبيعة سرَّها      وأقمتَ نفسكَ في مقام مُعلِّل
صوّرْتَ ربّاً تبتغي حلاً به         للمشكلات فكان أعظمَ مُشْكل
الشمس
ومولدُ هذي الشمس أعياك حدّه     وخبّر لبٌّ أنه متقادم
قريش ومكة
سيسألُ الناس ما قريشٌ ومكةٌ      كما قال ناسٌ: ما جديس وما طسمْ
ريب الزمان
ضحكنا وكان الضحك منا سفاهةً    وحقَّ لسكان البسيطة أن يبكوا
يحطّمنا ريْب الزمان كأننا           زجاجٌ ولكن لا يُعاد له سَبْكُ
كفر بالقيامة
سقّني يا أسامهْ     من عقار مدامهْ
سقّنيها فإني         كافرٌ بالقيامهْ
مكر
أفيقوا أفيقوا يا غواة فإنما   دياناتكم مكر من القدماء
العقل
كذبوا لا إمام سوى العقل        مقيمٌ في صبحه والمساء
كذب
كلُّ الذي تحكون عن مولاكم      كذبٌ أتاكم عن يهود يُحبّرُ
ما باختياري
ما باختياري ميلادي ولا هرمي     ولا حياتي فهلْ لي بعد تخيير؟
غياب المعنى
نفارقُ العيشَ لم نظفرْ بمعرفة     أيّ المعاني بأهل الأرض مقصود؟
لم تُعْطنا العلمَ أخبارٌ يجيءُ بها    نَقْلٌ ولا كوكبٌ في الأرض مرصود
زمان غير فان
أرى زمناً تقادم غير فان      فسبحان المهيمن ذي الجلال
أباطيل
في كلّ  جيل أباطيل يُدان بها    فهل تفرّد يوماً بالهدى جيلُ؟
أخبار 
مسيحيّةٌ من قبلها موسويّةٌ              حكتْ لك أخباراً بعيداً  ثبوتها
وفارسُ قد شبّتْ بها النار وادّعت        لنيرانها ألا يجوزَ خبوتها
فما هذه الأيام إلا نظائر               تساوتْ بها آحادها وسبوتها
احتيال
ولا تطيعنَّ قوماً ما ديانتهم                إلا احتيالٌ على أخذ الأتاوات
وإنما حمّل التوراة قارئها                كسب الفوائد لا حبّ التلاوات
إن الشرائع ألقت بيننا إحنٌ                وأودعتنا أفانين العداوات
وهل  أُبيحتْ نساء القوم عن عُرُض     للعرب إلا بأحكام النبوات
فناء
فهل قامَ من جدثٍ ميتٌ          فيُخبر عن مسمع أو مرا؟
نَزولُ كما زال أجدادُنا          ويبقى الزمان على ما نرى
نهارٌ يضيءُ وليلٌ يجيءُ       ونجمٌ يغور ونجمٌ يُرى
مرا: تخفيف مرأى

تقليد
عاشوا كما عاش آباءٌ لهم سلفوا      وأورثوا الدين تقليداً كما وجدوا

رضا
في كلّ أمرك تقليدٌ رضيتَ به        حتى مقالُك ربّي واحدٌ أحدُ
المسيح كمحمّد
لا تبدأوني بالعداوة منكمُ             فمسيحكم عندي نظير محمد
أيُغيثُ ضوء الصبح ناظر       مُدْلجٍ  أم نحن أجمع في ظلام سرمد
غياب الحق من التوراة
ولا تقبلْ من التوراة حُكماً              فإنّ الحقَّ عنها في تواري
جبريل
لو طار جبريلٌ بقية عمره  عن الدهر            ما اسطاع الخروج من الدهر
الظنّ والحدس
أما اليقين فلا يقين وإنما             أقصى اجتهادي أن أظنّ وأحدسا
اثنان
اثنان أهل الأرض: ذو عقلٍ بلا        دينٍ وآخر ديّنٌ لا عقْلَ له
آدم على إثر آدم
خالقٌ لا يُشَكُّ فيه قديمٌ         وزمانٌ على الأنام تقادمْ
جائزٌ أن يكون آدم هذا         قبله آدمٌ على إثْر آدمْ
صدأ الفهم
لقد صدئتْ أفهامُ قومٍ فهل لها         صقالٌ؟ ويحتاجُ الحسامُ إلى الصَّقْل
أصحاب الدين
وقد فتّشتُ عن أصحاب دينٍ      لهم نسكٌ وليس لهم رياءُ
     فألفيتُ البهائم لا عقول            تُقيم لها الدليل ولا ضياء
مساجدكم ومواخيركم
مساجدكم ومواخيركم   سواء فبعداً لكم من بشرْ
المصادر:
-هادي العلوي، المنتخب من اللزوميات: نقد الدين والدولة والناس، معهد الأبحاث والدراسات الاشتراكية في الوطن العربي، نيقوسياـ قبرص، 1990.
- أبو العلاء المعري، لزوم ما لا يلزم: اللزوميات، دار صادر بيروت، 1961.
أدونيس، ديوان الشعر العربي، دار الساقي، بيروت، 2010.

 

أبو العلاء المعري هو أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري (363 هـ - 449 هـ)، (973 -1057م)، شاعر وفيلسوف، ولد وتوفي في معرة النعمان في سوريا وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين بعد أن اعتزل الناس. اشتهر بآرائه الفلسفية المشككة بالأديان، انتقد عقائد الدين، ورفض مبدأ أن الإسلام أو أدي دين آخر يمتلك الحقائق التي يزعمها حيث اعتبر مقال الرسل زوراً. كان نباتياً يدعم حقوق الحيوان. 

Previous Next

Comments

  • Iman

    الا ليت شعري يا أبا المعري
    كل هذه الفصاحة وهذا العقل ولم تصل الى الإيمان بالله

 

Leave a reply

This blog is moderated, your comment will need to be approved before it is shown.

Scroll to top